روح الصلاة ولبها (5)
الحمد لله الذي جعل الصلاة عماد الدين وجعلها كتابا موقوتا على المؤمنين وألزم بها المسلمين وحثهم عليها في محكم الذكر المبين قال تعالى: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238].
أحمده تعالى وهو الكريم المتفضل البر الجواد، وأشكره عز وجل على إنعامه الذي ماله من نفاد، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أخبرنا أن رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد.
اللهم صل وسلم على محمد المرشد الأمين، الموصوف بالرحمة واللين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الأنصار والمهاجرين، ومن جاء بعدهم من المؤمنين إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذه الخطبة الأخيرة في الحديث عن أسباب الخشوع في الصلاة وقد مررنا على أهم الأسباب الجالبة للخشوع مع الاختصار قدر الإمكان، ثم إني أعرج في هذه الخطبة على ما ينبغي التنبه له من الأمور التي تدفع الخشوع قبل أن يوجد وأثناء وجوده، بيد أني أعرج على أمر خطير جد خطير قبل الولوج في موضوعنا، أمر يخشى ذو العقل السديد، والأمر الرشيد، أن يصيبنا الله بعذاب من عنده بسبب هذا الذي أذكره؛ هو سبب لغضب رب الأرض والسماوات، وانتزاع البركات، وذهاب الحسنات، وتعاظم السيئات، هو سيما أهل النفاق، وعنوان أصحاب الشقاق، إنه التخلف عن الصلوات المكتوبات سيما الفجر، وما فتوى الإمام ابن باز عنا ببعيد؛ إذ حكم بكفر تارك الصلاة تكاسلا عنها وإليك العقوبات التي وردت في الأحاديث الصحاح لمن تخلف عن الفجر وهي: أن الشيطان يبول في أذنه، ويصبح خبيثا كسلانا، ويكب على وجهه في النار، ويكسر رأسه بحجر في قبره، وآخرها كما ذكره ابن القيم أنه يمنع رزقه. فليتق الله العبد المسلم.
أيها المؤمن! إن الأسباب التي تمنع الخشوع في الصلاة واجب عليك دفعها حتى يتم خشوعك مع الاستعانة بربك عديدة، منها: الإنشغال بما يكون أمام ناظريك فادفعه الصلاة إلى سترة والدنو منها: فإن ذلك أقصر لنظر المصلي وأحفظ له من الشيطان وأبعد له عن مرور الناس بين يديه والسنة في الدنو من السترة أن يكون بينه وبين الستره ثلاث أذرع وبينها وبين موضع سجوده ممر شاة كما ورد في الأحاديث الصحيحة. ومنها زالة ما يشغل المصلي من المكان: عن أنس رضي الله عنه قال: كان قرام لعائشة وهو ستر رقيق فيه نقوش وألوان سترت به جانب بيتها فقال لها النبي أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في الصلاة. ومنها أن لا يصلي في ثوب فيه نقوش أو كتابات أو ألوان أو تصاوير تشغل المصلي: فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قام النبي يصلي في خميصة ذات أعلام وهو كساء مخطط ومربع فنظر إلى علمها فلما قضى صلاته قال: "اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبي جهم بن حذيفة، وأتوني بانبجانية وهو كساء ليس فيه تخطيط ولا تطريز ولا أعلام فإنها ألهتني آنفاً في صلاتي".
ومنها: أن لا يصلي و بحضرته طعم يشتهيه: قال عليه الصلاة والسلام: "لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان. ومنها: أن لا يصلي وهو حاقن أو حاقب: قال: إذا أراد أحدكم أن يذهب الخلاء وقامت الصلاة فليبدأ بالخلاء. ومنها: • أن لا يصلي وقد غلبه النعاس: قال: إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم حتى يعلم ما يقول.
•عدم الإنشغال بتسوية الحصى: عن معيقيب رضي الله عنه أن النبي قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد، قال: إن كنت فاعلاً فواحدة.
• عدم التشويش بالقراءة على الآخرين، قال ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة. ترك الإلتفات في الصلاة: قال: لا يزال الله عز وجل مقبلاً على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت فإذا إلتفت انصرف عنه»، وقد سئل الرسول عن الإلتفات فقال: "اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.
• عدم رفع البصر إلى السماء: قال لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم. أن لا يبصق أمامه في الصلاة: فهو مما ينافي الخشوع في الصلاة والآداب مع الله تعالى، لقول النبي الكريم: إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قِبَلَ وجهه فإن الله قِبَلَ وجهه إذا صلى. مجاهدة التثاؤب في الصلاة: قال: إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع فإن الشيطان يدخل. عدم الاختصار في الصلاة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهي رسول الله عن الإختصار في الصلاة" وهو وضع اليد على الخصر. ترك السدل في الصلاة: لما ورد أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه، والسدل إرسال الثوب حتى يصيب الأرض. ترك التشبه بالبهائم: فقد نهي الرسول في الصلاة عن ثلاث: نقر الغراب، افتراش السبع، وأن يوطن الرجل المقام الواحد كإبطان البعير. بارك الله لي ولكم ..
لنقف على قول عظيم، لرجل عظيم، هو الفاروق عمر بن الخطاب إذ يقول على المنبر: (إن الرجل ليشيب عارضاه في الإسلام وما أكمل لله تعالى صلاة ). قيل: وكيف ذلك؟ قال: (لايتم خشوعها وتواضعها وإقباله على الله عز وجل ). هذا قول عمربن الخطابفي صدر الإسلام فماذا عن واقعنا نحن اليوم! والكثير إلا من رحم الله تذهب به أموال الدنيا وأسواقها يبيع ويشتر ويزيد وينقص وهو في الصلاة وما ذلك إلامن غفلتنا.
|
الأحد، 2 أكتوبر 2016
تابع عبر البريد الإلكترونى
المشاركات الشائعة
-
وقفة مع النفس إعداد / الشيخ : السيد طه ...
-
صلة الرحم لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العال...
-
الصلاة ومكانتها في الإسلام د...
-
روح الصلاة ولبها (5) الشيخ مشاري بن عيسى المبلع...
-
الاستعانة بالصلاة الش...
0 التعليقات:
إرسال تعليق